شدّد
عدد من علماء الدين على ضرورة الإكثار من الأعمال الصالحة في شهر شعبان
وفي مقدمتها الصوم، مشيرين إلى أنه شهر كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر
فيه من الصوم أكثر من غيره من شهور العام باستثناء شهر رمضان.
وأكدوا
أن شعبان شهر يغفل عنه الناس فهو الشهر الذي ترفع فيه أعمال العبد طوال
العام إلى الله عز وجل وأنه من الخير للعبد أن يرفع عمله إلى ربه وهو صائم.
وقال
علماء الدين الذين تحدثوا لـ "الراية الإسلامية " إن شعبان مدرسة تحضيرية
لشهر رمضان، داعين إلى ضرورة استغلاله كفرصة للاستعداد لهذه الشهر العظيم
من خلال تهيئة النفس وتدريبها على مختلف العبادات من صيام وقيام وقراءة
للقرآن، لافتين إلى أن العبادة ثقيلة على النفس، ولذلك فإنها تحتاج إلى
تهيئة.
مزية عظيمة
وقال
فضيلة الشيخ سيف الرحمن القلموني الخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
إن شهر شعبان به مزية عظيمة تميزه عن غيره من الشهور، ألا وهي أنه شهر
ترفع فيه أعمال العام إلى الله، ومن المعلوم أن رفع الأعمال على ثلاثة
أقسام: رفع يومي ورفع أسبوعي ورفع سنوي. فالرفع اليومي يكون في صلاتي الفجر
العصر. والرفع الأسبوعي يكون في يومي الإثنين والخميس، والرفع السنوي يكون
في شهر شعبان.
وأضاف:
الرفع السنوي كأن فيه رسالة من الله في أنك يا عبد الله أمامك فرصة في أن
تختم أعمال سنتك بالصالحات وتتوب إلى الله فيما بدر منك من المعاصي. حتى
يرضى الله عنك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال
بالخواتيم). فالإنسان إذا أحسن أعماله الباقية غفر له ما تقدم من الذنوب.
ولهذا لما جاء رجل إلى أحد السلف وقال له فيما الحيلة فيما فعلت من
الذنوب؟، فقال له: (أحسن فيما بقى يغفر لك فيما مضى. وإلا أخذت بالأول
والآخر). لهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من الصوم في شعبان حتى
تختم صحيفة أعمال السنة بالصالحات.
مدرسة تحضيرية
وقال
فضيلة الشيخ أحمد فخرو الخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إن شهر
شعبان هو مدرسة تحضيرية لشهر رمضان فهو فرصة للاستعداد لرمضان من خلال
تهيئة النفس على العبادة من صيام وقيام وقراءة للقرآن وإلى غير ذلك من
الأعمال الصالحة؛ لأن العبادة ثقيلة على النفس وتحتاج إلى تهيئة، ولعل هذا
ما يفسر نشاط الكثيرين على العبادة في بداية شهر رمضان والحرص على صلاة
القيام وقراءة القرآن ثم بعد أيام قليلة من بداية الشهر الفضيل تفتر عزائم
البعض ويستثقل العبادة فتراه يتراجع شيئًا فشيئًا.
وأكّد
الشيخ فخرو أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام في شهر
شعبان، مشيرًا إلى ما أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة من حديث
أسامة قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من
شعبان، قال: ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه
الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم"
ونبّه
إلى أن معنى قول الرسول الكريم أنه شهر يغفل عنه الناس أن فيه من الخير
والفضل الكثير والكثير، ومن ذلك أنه ترفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل.
وأضاف:
الاستمرار في العبادة طوال العام ربما يثقل على الإنسان، ولقد امتنّ
المولى عز وجل على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بمحطات إيمانية طوال العام
هي في الحقيقة مواسم عظيمة للخير، ويتعين على الإنسان استغلالها كحافز
لتقوية الإيمان في النفس وتذكيرها بالمولى عز وجل، وهذه المحطات مستمرة
طوال العام، كما أسلفنا، ومن هذه المحطات صيام الإثنين والخميس و6 أيام من
شوال ويوم عرفة، وشهر شعبان، وشهر رمضان، وإلى غير ذلك من المحطات.
وأشار إلى أن أداء صلاة النافلة قبل الفريضة فيه تعظيم للفريضة، وصيام شهر شعبان قبل رمضان فيه تعظيم لهذا الشهر الكريم.
وينبغي على الإنسان أن يستعد لهذا الشهر ويضع له الخطط والأهداف حتى لا يمر عليه هكذا دون أن يستفيد منه.
الوقت المغفول عنه
وقال
فضيلة الشيخ محمد كمال فرج الخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: شهر
شعبان هو الشهر الذي ينسى بين فضائل رمضان واهتمام المسلمين بشهر الله
الحرام المنفرد رجب.
وأشار
إلى أنه في إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد عديدة، منها أنه يكون
أخفى، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل. لا سيما الصيام فإنه سر بين العبد
وربه. ولهذا قيل: إنه ليس فيه رياء.
الفائدة
الثانية أنه أشقّ على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس، وسبب ذلك
أن النفوس تتأسى بما تشاهد من أحوال أبناء الجنس، فإذا كثرت يقظة الناس
وطاعاتهم كثر أهل الطاعة لكثرة المقتدين بهم فسهلت الطاعات.
أما الفائدة الثالثة فهي أن المفرد بالطاعة من أهل المعاصي والغفلة قد يدفع البلاء عن الناس كلهم، فكأنه يحميهم ويدافع عنهم.
وبالفعل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلاً، كما أخبرت عنه عائشة رضي الله عنها في الحديث المتفق على صحته.
ولا
بدَّ من وجود أمر هام وراء هذا التخصيص من الصيام في مثل هذا الشهر، وهذا
ما نبَّه عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنه شهر ترفع فيه الأعمال
إلى الله تعالى).
ونبّه
الشيخ محمد كمال إلى أنه ينبغي على الذين هم على شحناء وعداوة أن يكونوا
على علم ودراية بخطورة هذا الأمر، وأنَّ الشحناء والبغضاء بين إخوة الإيمان
سبب في عدم قبول صلاتهم، وعدم قبول أعمالهم، وعدم تطلع ربّ العزة والجلال
إليهم.
بدع مخصوصة
وحذّر
من أنه هناك بدع مخصوصة تقام في هذا الشهر ينبغي الانتباه لها ومنها، بدعة
الصلاة الألفية وهذه من محدثات وبدع ليلة النصف من شعبان، وهي مائة ركعة
تصلي جماعة يقرأ فيها الإمام في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات.. وهذه
الصلاة لم يأتِ بها خبر وإنما حديثها موضوع مكذوب فلا أصل لهذا.
وأضاف
من البدع أيضًا: تخصيص ليلة النصف من شعبان بصلاة ونهارها بصيام استنادًا
إلى حديث:" إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها"..
مشيرًا إلى أن هذا الحديث لا أصل له.
وأكّد
أنه من البدع أيضًا صلاة الست ركعات في ليلة النصف من شعبان بنية دفع
البلاء، وطول العمر، والاستثناء عن الناس، وقراءة سورة يس والدعاء.. فذلك
من البدع والمحدثات المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد
قال الإمام الغزالي رحمه الله في الإحياء: وهذه الصلاة مشهورة في كتب
المتأخرين من السادة الصوفية التي لم أرَ لها ولا لدعائها مستندًا صحيحًا
من السنة إلاَّ أنه من عمل المبتدعة.
وقد قال أصحابنا أنه يُكره الاجتماع على إحياء ليلة من مثل هذه الليالي في المساجد أو في غيرها.
كما قال الإمام النووي رحمه الله: صلاة رجب - صلاة الرغائب - وصلاة شعبان بدعتان منكرتان قبيحتان.
المصدر الراية
إرسال تعليق